الإمام السالمي - رحمة الله عليه -
--------------------------------------------------------------------------------
(أ) اسمه ونسبه :
هو الإمام الشيخ قائد النهضة الصادقة ، والحركة العلمية الواعية العلامة ، المحقق ، والمجتهد المطلق ، الولي عبد الله بن حميد بن سلوم ( بضم السين وتخفيف اللام ) بن عبيد بن خلفان بن خميس السالمي الضبي .
فهو ( رحمه الله ) من قبيلة السوالم الموجودة في أنحاء متفرقة من عمان ، ولكنها لم تشتهر ولم يكن لها صيت إلا بعد بزوغ فجره وظهوره على الساحة .
ويرجع أصل هذه القبيلة إلى نزار بن معد بن عدنان ، فالشيخ وقبيلته إذن عدنانيو النسب .
(ب) كنيته ولقبه :
(1) - كنيته :
كني الإمام نور الدين السالمي بكنيتين :
أولاهما : يكنى بأبي محمد وذلك نسبة إلى أكبر أبنائه محمد بن عبدالله السالمي .
ثانيهما : يكنى بأبي شيبة نسبة إلى لقب ابنه الأكبر الذي كان يلقب بالشيبة وقد اشتهر بذلك حتى إن الإمام أبا مسلم البهلاني ناداه في إحدى مراثيه بقوله :
يا أبا شيبة من أرجو لها ** حسبي الله إذن عز وجــــــل
يا أبا شيبة عزّ الملتقـى ** وقطين الرمس مقطوع النقـــــل
يا أبا شيبة عزّت حيلة ** دفاع الموت أو وصل الأجل
(2) لقبه :
اشتهر الإمام السالمي بلقب (نور الدين) ، وله ألقاب أخرى ، تدل في جملتها على شموخه في العلم ، ومكانته بين أعلام وأعيان عصره ، فعلى سبيل المثال ، يلقب أيضا بـ(شمس العصر) ، كما جاء في قصيدة للشيخ سعيد بن حمد الراشدي بعثها إليه يقول فيها:
الله أكبر يالشمس العصر قد ** كملت لديك صفات أهل المعرفة
كما يلقب أيضا بوحيد الدهر ، وفريد العصر ، والعلامة المحقق ، والحبر المدقق ، فخر المتأخرين ، وغيرها من الألقاب ، التي اشتهر بها بين الخاص والعام ، كالمجتهد المطلق ، ومجدد القرن الرابع عشر ، كما ورد ذلك في بعض الأسئلة الموجهة إليه من علماء عصره .
(ج) مولده :
ذكر أكثر المترجمين للإمام أنه ولد سنة 1286هـ الموافق 1869م ومع الأسف ليس هناك تحديد يذكره هؤلاء لليوم ولا للشهر ويذهب بعض أحفاد الإمام الى أن مولده كان سنة 1284هـ.
ولم يذكر هؤلاء كلهم أي مستند علمي بنوا عليه رأييهما ، والظاهر أن مولده كان سنة 1288 هـ بدليل أن ابن المترجم له ذكر أن أول مصنف قام الإمام النور السالمي بتأليفه سنة 1305هـ ، وكان عمره حينئذ سبعة عشر عاما فيكون مولده كما ذكرنا.
(2)
(دـ ) نشأته وحياته العلمية :
بدأ الشيخ حياته في بلده الحوقين التابعة لأعمال الرستاق ، وفي هذه القرية بدأ الشيخ يتعلم على يد والده القرآن الكريم ومبادئ الدين الحنيف ، كما هي العادة ، ثم نشبت نار الخلاف بين قبيلته السوالم وقبيلة الخضور فهاجرت قبيلة الشيخ تاركة الحوقين إلى بلدة (الخبة) من بلدان الباطنة فلبث بها الشيخ إلى ما شاء الله من الزمان ، وما هي إلا أيام من الدهر حتى هاجر الشيخ منها إلى الرستاق حيث منبع العلم والعلماء حينئذ وهناك وجد الشيخ ضالته وبدأ ينتقل بين مشائخها الكبار كالشيخ راشد بن سيف اللمكي الذي كان يدرس في مسجد قصرى .
لما كان الشيخ ابن اثنى عشر عاما فقد بصره ولكن الله عوضه ببصيرة تدرك الأشياء وحافظة جبارة تحفظ كل ما تسمع . وتمر الأيام على الشيخ وهو يدرس بالرستاق وبدأت تظهر علامات النبوغ لمشائخه ، فلاحظ الشيخ اللمكي في تلميذه سرعة الفهم وقوة الذكاء ، والحفظ الغريب ، فأعجب به الشيخ وبدأ يقدمه على زملائه ، ومن ذلك أنه رآه مرة يقرأ في كتاب لامية الأفعال فأخذ الإستغراب من الشيخ مأخذه وقال له كيف تقرأ ما لا تفهمه ؟ فقال : إنني أفهمه وأستطيع أن أشرح ما قرأت فلما شرح له استغرب أكثر من قبل
وهكذا أخذ الإمام النور السالمي ينتقل بين جنبات الرستاق العامرة بالعلماء وأهل العلم حتى أصبح ممن يشار إليهم وهناك بدأ بالتأليف وهو ابن سبعة عشر عاما وكان ذاك عام 1305هـ
وإذا العناية لاحظتك عيونها ** نم فالمخاوف كلهن أمان
رحلته إلى الشرقية :
كان الإمام نور الدين السالمي وهو بالرستاق يسمع عن الشيخ المحتسب المجاهد صالح ابن علي الحارثي ( رحمه الله ) أحد أقطاب عمان في ذلك العصر الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فأعجب بسيرته فشد رحله إليه سنة 1308 هـ ، وكان أول ما وصل إلى الشرقية أقام عند الشيـخ سلطان بن محمد الحبسي في بلد المضيبي من شرقية عمان ، ومنها ذهب ليزور الإمام المحتسب صالح بن علي ، وفي أثناء الجلسات معه أعجب الإمام المحتسب بنور الدين السالمي وطلب منه أن ينتقل إليه ليسكن بجواره .
فوجد الشيخ ضالته وهناك أقام متعلما ثم مدرّسا فألف وعلّم وخرج على يديه أفذاذ عمان الذين ذاع صيتهم وما زالت بركاتهم تنهمر على عماننا إلى يومنا هذا .
وفي سنة 1314هـ توفي الشيخ المحتسب صالح بن علي الحارثي (رحمه الله) فكان لوفاته الأثر الكبير على النور السالمي ، فأصبح الحمل عليه أثقل من قبل والمعاناة في أمور المسلمين أكثر من ما مضى ، وتمر الأيام وتتعاقب الشهور والأعوام والنور السالمي قائم بدور رائد الإصلاح معلما ومنبها حتى عام 1323هـ ففكر في الذهاب إلى أداء فريضة الحج وهناك إلتقى بعلماء الإسلام من مختلف المذاهب وتناقش معهم فيما يخص المسلمين فاطلع على كثير مما يحيكه أعداء الإسلام ضد المسلمين وخاصة ضد رواد الإصلاح ، وفي رحلته هذه اطلع على كثير من علوم الحديث واقتنى كثيرا من كتبها ثم عاد أدراجه إلى عمان لمواصلة مشوار نشر العلم والقيام بالإصلاح السياسي فبدأ بالاتصال بالأعيان في مختلف الأماكن من عمان للقيام بأمر الإمامة حتى وفقه الله .
فعقدت الإمامة لإمام العدل والإحسان سالم بن راشد الخروصي ( رحمه الله) .
يتبع.............